Dr.dabbagh

الأحد، يناير 17، 2016

اخر مقال للدكتور فخري الدباغ قبيل وفاته عام 1984

أدرج هنا صور لاخر مقال نشرته مجلة العربي الكويتية في عددها المرقم 301 لشهر ديسمبر 1983 اي قبل وفاة الدكتور الدباغ بحوالي اسبوعين وهو بعنوان (( عندما يفقد العلماء اتزانهم )) :






في الذكرى 32 لوفاة الدكتور فخري الدباغ رحمة الله عليه

في مثل هذا اليوم من عام 1984 ،انتقل الى رحمة الله والدي الدكتور الاديب فخري محمد صالح يحيى الدباغ ،وهاهي 32 عاما مضت على هذه الذكرى الاليمة التي لاتغيب عن ذاكرتنا  بكل تفاصيلها الصغيرة وكأنه فلم لايمحى من الذاكرة ابدا .
واقول في هذه الذكرى :


أبــــــــــي إن الحيــــاة بعدك مريـــــــــرة ليـــس لـهـــــــا معنـــــــــــى ولا تــــــذكـــــــــــــــر فأنت فــي أعمــــاق قلوبنا وستبقى فينا حيا ولو مر موتك ورحيلك زمن طويل من الدهـــــر
أدمـيت قلــوبنــــــا برحـيلــــــــــــك وبعـــــــدك لـــــــم يصبــح هنــــــاك قيمـــــــــة للعـمــــــــــر. فهل للحيـــــــــاة معنــــــــــــــى بـــــــــدون الشـــمـــــــــس وهــــــل لهـــا معنـــى بـــدون القمــــــر.
وهـــل لهـــــــا معنــــــــى بـــدون أب يســندنـــــــا ويشـــــــــد بـــــه الظــــهـــر.
بفراقــــــــك أبكيت قلوبنـــــــــا من قبــــــــل أن تسيل من عيوننــــــــا الدمــــوع وتنهمـــــر افتقدنــــــــاك يــــــــا من الحديـــد بكلمة رضـــــــــــــــــا منــــــك يصـــــــبح لينــــــــــا وينصهر.
افتقدنا تقبيل يداك كل يوم ودعائك لنا الذي تتفتح له أبواب السماء ويتكسر له الصخر
عشت طيبا للذكــــــــر وودعـنــــــــــاك بمزيــــــــد مــن العـــــــزة والكـــــــــرامــــــة والفــخــــــر. عشـــــــت طيبــــا للقــــلب لينـــــا معطــــــاءا حكــيمـــــا طبيبا محسنا مع مرضاك صلبــــا جلــــدا عصيــــــا علــى الكســــر.
عاشــــــت فينـــــا روحــــك الطـــــاهــرة وعـــزاؤنــــــــا انـك مـــت موت الفائز بالجنة المنتصـــر ونحسبك ان شاء الله شهيدا . 

تكـــاد الأجساد تتقطع ألمـــــــا على فرقــاك وتكاد القــــلوب من الحسرة تمـــــوت وتنفجـــــر يحـــــن إليــــــك البيت والجيـــران والأهــــل والكتاب والقلم  وكــــل المحبيــن للحـــاق بركـابــك تنتظـــــر.فلقــــد كــنت فينــــا مثـــل السحـــــابــة التـــي علــــــى كــل الناس بالخـير والمحبة تمطــــــر
ولـقــــد علمـتنـــــا أن النفــــــس عزيـــــزة وأنهــــــــا لغـــير اللـــــــــــــه لا تـــــذل ولا تـقهــــــــر.
 دمعاتي وأحزاني وكلماتي وأشعاري مهما كبرت عن الـم فرقاك لا ولن تستطيع أن تعبــــر
أســـــــألك يــــــا الله يا مــن لا يـــرد الدعــــــــاء أن تجعـل قبره  روضــــــة من ريـــاض الجنــة . وان تجعله فـــــي الفـــردوس الأعلـــــــى فــــــي مقعــــــد صــــــدق عند مليك مقتـــــدر أســــــألـــك يـــــا مـــن تمحـــــو الخطــــــايـــا وتتـــوب علــــــــى التــائبيـــن وللــــذنب تـغفـــــــر أن تــرحـــــــم والــــــــدي رحمـــة واســـــــعة وان تجعل قلــــــــــوب المحبين بذكــــــراه تتعطــر
وان تجعلنـــــــــــا يـــــا ربنـــــــا مــن الشاكـــــــرين الحامـدين لك والراضين بالقضاء والقــــدر.

وكما قال الشاعر :


ما الـصبرُ يمسـحُ دمـعةَ الـوجدانِ ... لا الـدهرُ يرسمُ وجهةَ السلــوانِ
لا الـعمرُ بعـدكَ فـي مُضِيِّهِ مُوغِلٌ .... لولا الـرِّضا بمشـيئـةِ الـرحــمنِ
أبتـي لــساني فـي رثائِك خانَنِي ... ما طـاوعَ القلبَ الجريحَ لســـاني
لـو طـاوعَ الـنفسَ اليراعُ لـمَلَّني ... بحــرُ المِـداد وتـاه في شُطـــآني
مـاذا أقـولُ وهل كـلامي مُنصِفٌ ... في حــقِّ قُطـبٍ راســخٍ رَبَّـــاني
لو قلـتُ دهـرًا ثم دهـرًا لـم أكُن ... أنصفـتُ مِنـه لــقاءَ مــا رَبَّـــاني
أبتـي تَمَـزَّقًت القـلوبُ وقَطَّـعَت ... أوصـالَنا طــاحــونةُ الأشـــــجانِ
وتَفَـرَّقَ الـشملُ اللفيفُ إذ اختفى ... نُـورُ الأُبُـوَّةِ في دُجى الأكـــفانِ
غـاب الهـناءُ وغـادرَ الأمنُ الذي ...... بك كـان يَحـيى هانِـئًا بـأمـــانِ
أمَّـا الحـنانُ فـقد رأيـتُه عند قبرِ كَ ..... باكيًا يرجـوكَ بعـضَ حَنــــانِ
كُـنهُ المـروؤةِ والـرجولةِ والـشها مةِ .... والشجاعةِ بعد موتـِك فـــانِ
ويـحَ الوجـودِ بلا وجـودِك يـا أبي ... ويلٌ لهـذي الأرضِ كَـم سَتُــعاني
لا لا تُعَـزُّوني وعَـزُّوا هـذه الــدُّ نـيا ... الـتي خَسِـرَت عَظيمَ الــشانِ
خَسِرَت إمامًا كـان طُـولَ حيـاتِـه ... وَرِعـًا تَقِـيًّـا خــالِصَ الإيمــــانِ
ما أَمَّ يـومًا فـي المـساجـدِ إنـما ... أَمَّ العُقـولَ بِمـوكـبِ العِــــرفانِ
رَجُـلٌ كِتـابُ اللهِ فـي جَـنَبَـاتِه ... ..ورَحيـبُ صَــدرِه فاضَ بالقــــرآنِ
والخـيرُ مـنه يُـشِـعُّ دون مــشــقَّةٍ ... لِسُــؤالِه فتُـجيبكَ العيـــنانِ
مـا كــان يُطـمَعُ قَبـلَه في غَيـرِه ... لا بَعدَه يُخشـى مِـن الخُســـرانِ
********
ما دمتُ حَيًّا لسـتُ أنسـى عـندما ... أقصـاكَ لـيلُ القبرِ عن أحـضاني
إنْ كـنتُ لا أقـوى لِبُعـدِكَ ليـــلةً ... كيف السبـيلُ لِمُقـبِلِ الأزمـــــانِ
أو كـنتُ في الأكتافُ أَمـسَحُ دمعَتي ... إنْ ضَمَّني لِصُـدورِهم خِـــلاَّني
مَـن لِلقُـلَيبِ إذا أُصـيبَ يَضُــمُّهُ ... مَــن ذا يُكـفكِـفُ أَدمُـعَ الشـــريانِ
أبتي وحــيدًا صِـرتَ تحت التُّربِ ... في قـبرٍ بـعيدٍ ضـائِعِ الـعنـــوانِ
أبــدًا فـقد جاورتَ رَبـًّا شاكِرا ...... يَجـزيكَ رَوضًـا مِن رِياضِ جِــنانِ
وأنـا الـوحيدُ هُـنا وفوقَ التُّربِ ...... لا سَـنَدٌ يُعـينُ ولا أَنبــــسٌ دانِ
رُحماك ربِّي لـيس غـيرُك عاضِدي ... في مِحنتي بِمهامِهِ الأحـزانِ
رَحَـلَ الـذي يَبـكي بِلا دَمـعٍ إذا سَمِعَ ... الأنيـنَ يجـولُ في وجــداني
رَحَلَ الذي يَفـدي يُضَحِّي يَرتمي ... في النارِ إنْ وَجَعُ الـدنا أضـناني
رَحَلَ الذي لا يَغـمَضُ الجفنً الكَليــلُ ... لـه إذا دَمَعَت أَسًى أجــفاني
رَحَــلَ الـذي كـانت له الدنيـا ..... بلا خَيــرٍ حطـــامٌ زَائِـلٌ مُتَـفـــــانِ
لم يمَـضِ يــومٌ فـي حياتِـه دون ..... مَعـــروفٍ لـه يُـوليه للإنــسانِ
*****
مَرثِيَّـةُ اليـومِ الأخيـرِ كَـتبــتُها ......... تروي حـياةَ كِفــــاحِ مَـن رَبَّاني
إنْ كُنتَ تَعجَبُ مِـن كَـواكبَ غُيِّبَتْ ... فـي لَحــــدِها مَلفـوفةَ الأكفانِ
فَاعجبْ معي أَنَّى ثَوى تحتَ الثـرَى.. ... مَلَـكٌ وأَنَّـــى زَارَهُ المَـلَكَـان