Dr.dabbagh

الثلاثاء، مارس 29، 2016

ملحمة حصار الموصل وابعادها النفسية والقومية والعالمية -الجزء الرابع

واليوم ... في حربنا المقدسة:
واليوم في حربنا المقدسة عن ارضنا وعروبتنا وامتنا، لابد أن نذكر عبر القرون تلك السلسلة المتلاحقة من الموج العدائي ضد الامة العربية ودور العراق البطولي الرائد في حمل مسؤولية الدفاع عن امة العرب والاسلام في وجه التهديد الفارسي.
وعندما نذكر حصار الموصل كآخر سلسلة من تلك الموجات الكاسحة الكريهة والفاشلة، فإننا سندرك حالا كيف ان التحرش والتهديد الفارسي للعراق ودول الخليج ومحاولته التسلل الى الوطن العربي يزحف مخطط بأسلوب الهجرة والاستيطان او باحتلال جزر واغتصاب قطع من الاراضي والمياه وفرض السيطرة على الملاحة في شط العرب والخليج العربي، ثم الشروع بقصف المدن العراقية القريبة من الحدود ..، كيف ان كل ذلك كان ينذر بهبوب العاصفة الفارسية العنصرية من جديد بعد خمودها او تسترها حوالي قرنين ونصف من الزمان.
ولم يغب عن حنكة ودراية القيادة الحكيمة  هذا الماضي الطويل ..، فكان لا بد من نقل المعركة الى بلاد الفرس انفسهم وتلقينهم درسا لن ينسوه ليكون ملحمة العرب الكبرى والقادسية الثانية واسطورة القرن العشرين التي يسجلها العراق نيابة عن الامة العربية.
وحيث ان بحثنا يتناول حصار الموصل وعبرته. فسأذكر تلك القضايا التي أدت الى حتمية حربنا الدفاعية العادلة ونقلها الى ارض العدو وليس على ارضنا هذه المرة. اما اوجه المقارنة فكثيرة ولا تغيب من فطنة القارئ ولا ضرورة لذكرها جميعها بالتفصيل الا ما يستوجب الذكر والملاحظة والتأكيد:
1-    فاذا كان حصار الموصل من اهم احداث الشرق الاوسط في القرن الثامن عشر بشهادة النقاد والمؤرخين والدارسين المعاصرين، فان الحرب العراقية – الايرانية الحالية اعتبرها الدارسون انها من اهم احداث الشرق الاوسط في العامين 1981  و 1982 مع الفارق بينهما من حيث السعة والتميز العسكري والسياسي والاجتماعي والتاريخي الذي نجده الآن في حرب القادسية الثانية والتي تدور في ظروف متشابكة وبين محاور متقاطعة محرجة جدا على المستويين القومي والعالمي ..
2-    إن شخصية وسيرة نادرشاه الذاتية تذكرنا لاول وهلة بشخصية الخميني. فلقد ولد من عائلة لم تكن نابهة ولا حقيرة في خراسان عام 1688م من قبيلة الافشار. وقضى حياته راعيا ومجازفا وقاطع طريق، ثم ضابطا في جيش اللانظاميين الصفوي. ثم انضم الى طهماسب شاه ايران الصفوي وبلغ مكانة رفيعة في عشيرته. وتولى قيادة الغزوات بنفسه وتوسع وطرد الافغان المحتلين، وهكذا حصل على لقب (طهماسب قولي خان). ونظر الى نفسه كآخر فاتح آسيوي سيعرفه العالم. وكان نادرشاه عنيدا غشوما كثير الحروب سفاكا للدماء، واشتدت شوكته وتعطشه للثار ..، فقد انقلب على الصفويين وستاثر بالحكم، وبادر بالاصرار على شروط متعذرة على العثمانيين وهي ((تلك الشروط التي تجعل الفرد يرتاب بوجود خلل في التوازن العقلي الذي كان منشؤه الطمع المفرط والقسوة الجنونية والجشع اللذان عرف بهما الشاه في سني حياته الاخيرة)) (78). وقد مات الشاه اغتيالا، وبذا لاقت بربريته العطشى الى الدماء نفورا من شعبه وفزعا، فلقي حتفه على ايدي مواطنيه (79).
وكان تمرد ابن نادرشاه (رمنا قولي) عليه دليلا على عدم قناعته بسياسته أو افكاره، لكن نادرشاه عاقبه بسمل عينيه، وقبل ان ذلك دفع بنادرشاه الى مزيد من حالة اختلال التوازن العقلي والحنكة السياسية وزاد من شراسته واعتدائه وممارسته القتل التعسفي الاعتباطي (80).
3-    إن تاريخ اعتداءات الفرس على العراق والبالد العربية وما تفعله قواتهم ولا أخلاقياتهم لا تدع مجالا لتردد أي عربي مخلص في قرننا العشرين في الدفاع عن نفسه ونقل الحرب وساحتها الى داخل اراضي الفرس. والادلة على ذلك كثيرة منذ ايام السومريين والبابليين، لكننا سنقتصر على فترة العلاقات العثمانية – الايرانية:
أ‌-        فقد هاجم عباس باشا الصفوي بغداد عام 1622م ودخلها فقتل اربعة الاف من نفوسها واحرق ما وجده من مخازن الكتب وخرب مرقد الامام عبد القادر الكيلاني ومرقد الامام ابي حنيفة، وارتكب فظائع كثيرة (81).
ب‌-    وأرسل وزيره قاسم خان الى الموصل لفتحها عن طريق كركوك. وكان فظا شرساً أخاف الاهالي فهاجر من المدينة كثيرون الى جزيرة ابن عمر (82).
جـ- وفي عام 1732م حاصر نادرشاه بغداد تسعة أشهر بعد أن اجتاح الحلة والكوت ولم يدخلها، لكنه قتل الابرياء وسبى النساء ودمر العمار (83).
د- أما (نركز خان) وهو في طريقه الى الموصل لتأديبها فقد دمر في طريقه (دير سعيد) جنوب الموصل وقتل رهبانه وتركه قاعا صفصفاً (84).
هـ- وطيلة مسيرة نادرشاه من بغداد الى الموصل عن طريق كركوك – أربيل عام 1743 لحصار الموصل ووصوله السهول المحيطة بالموصل كان يهلك القرى (وخرب قرية القورية قرب كركوك)، واحتل كرمليس وبرطلة وقرهقوش وتلكيف وتلسقف والقوش. وكان يقتل النصارى ويسبي النساء والصبيان وينهب الاديرة، وقيل ان عدد الاديرة التي نهبها بلغت 300 دير (85).
و- وقد نهب جند نادرشاه مرقد وجامع النبي يونس (ع).
ز- ودمروا مدينة زاخو وخيرات جزيرة ابن عمر.
ح- ولم يحترم الفرس آداب وقوانين الحروب، فقتلوا بعض الاسرى، كما حدث في معركة (نركز خان) وقتله عندما هاجم الموصل.
4-    إن الابحاث التاريخية الحديثة، واعادة التدقيق والتنقيب كشفت بما لا يقبل الشك ان حكومات الفرس المتتابعة على اختلاف نعراتها وعشائرها واطماعها كانت تنتهج سياسة مبرمجة لاضطهاد عرب الاحواز وتثبيت ومتابعة سياسة (التفريس) (كعملية غسل دماغ) بطيئة ومستمرة وجدية بالصيغ التالية (86):
أ‌-        التخريب اللغوي بابدال وتغيير اسماء المواقع والقرى والمدن العربية.
ب‌-    الاساءة الى لغة القرآن الكريم.
جـ- منع تسمية الاطفال باسماء عربية.
د- مد النفوذ الفارسي تحت غطاء دعوة اسلامية.
هـ- تزويد النساء المتزوجات الاميات من عرب الاحواز بحبوب منع الحمل عند مراجعتهن المستوصفات الطبية للمعالجة الاعتيادية هادفين بذلك الى تقليل النسل العربي.
و- تغريم والد كل طفل عربي في المدرسة ينطق بكلمة عربية بمبلغ من المال، فاذا كثرت هذه الاغلاط يكون مبلغ التغريم رادعا للأب والاسرة، مما قد يضطره الى منع طفله من الذهاب للمدرسة لفقر حاله.
ز- ويؤدي ذلك الى ارتفاع نسبة الامية في الاحواز والتي بلغت اعلى نسبة في العالم وهي 97%.
ح- جعل اول واجب لأي حاكم ايراني (من ضمن برنامجه السياسي9 هو خلق الفرصة لمهاجمة العراق قبل كل شيء، مما يكشف عن نية عنصرية متوارثة لغزو الوطن العربي من باب العراق، والتذرع بأسباب تتعلق بالمرحلة التاريخية.

فبعد كل هذا – ونحن بصدد حصار الموصل في ضوء حرب القادسية الثانية، نجد أن حربنا اليوم هي ضرورة حضارية وقومية تهدف الى فك الحصار عن الامة العربية والى التفرغ الى الخطر الآخر وهو الصهيونية العالمية الممثلة في إسرائيل المزروعة لغما في قلب الوطن العربي.

0 Comments:

إرسال تعليق

<< Home